فى ظلال القرآن .. عنوانٌ تشعر حقيقةً أن صاحبَه لم يتكلفْه ، تحيا معه في ظل القرآن ، تستروح فترةً ما لا تستروحه في ظلٍ سواه ..!
تشعر من العنوان أيضا و كأن سيداً - رحمه الله - يريد أن يقول أن آيات القرآن لها ظلال وارفة وراء معانيها ، لا بدّ من الالتفات إليها وملاحظتها ،ولا ينال ذلك إلاّ من عرّض نفسَه و روحَه لتلك الظلال ، بل و عاش حياته بها و معها وفيها ! ـ
===
مميزات:
القارئ للظلال سيجد مميزات لا تحصى أكرم اللهُ بها صاحبَه .. لعل أعظمها - عندي - هو الرؤية الكلية لسيد - رحمه الله - عند التفسير و ربطَه آيات القرآن بعضها ببعض ؛ حتى لكأنك تخرج بعد قراءة الظلال بخريطة ذهنية للقرآن كله ..!
فهو عند تفسيره لأى سورة لا يبدأ بتفسير أول آية منها مباشرة ؛ بل يبدأ بمقدمة لها ، ثم يلخص موضوعاتها و يحللها ، و يبرز طابع كل سورة وظلها الخاص بها، وحكمة ترتيب آياتها ومقاطعها، و الملامح البلاغية في السورة .. و غيره من الروائع التى منّ الله عليه بها ..!
أيضا مما أبدع فيه هو ربطه لآيات القرآن بواقعنا .. تجده يتحدث الوقائع العصرية التى جدت بأسلوب جد مبهر ، هذا علاوةً على أن هذا الكلام كله كُتب بيد أديب يسيل قلمه روعة!
و المتأمل للكتاب ، يجد فيه علماً ، واستنباطات لم يقع عليها من سبقه ،تقرأ فتجد فيه روحاً صادقاً ، وتأملاً لمعاني كلام الله سبحانه وتعالى لا تجدها عند غيره ، مما سيجعلنى بلاشك أعود للظلال الفينة بعد الفينة .. فلا تحرم نفسك من هذه التجربة
==
من المآخذ :
الكتاب بالطبع ليس خلواً من بعض المؤاخذات ، التي قد يُتجاوز عنها إذا تذكرنا أن أسلوبه أسلوب الأديب ، الذي قد يسترسل مع مشاعره وإيحاءات الكلمات، و لم يسلم أحد من الوقوع في الخطأ لا في القديم ولا في الحديث ، والإنصاف عزيز.
فمنها أنه لم يخرج الأحاديث التى أوردها ، إلا أنه ظهرت كتب خرّجت أحاديثه تجدها على الشبكة العنكبوتية ..
و أيضا وقع بعض الخلل فى بعض كلامه عن العقيدة و بخاصة آيات الصفات ، فياحبذا لو أضفت للتفسير عناية أهل العلم به من حيث العقيدة و هى كثيرة بحمد الله
===
و تبقى كلمة ..
حينما تقرأ (الظلال) ، تكاد تتنبأ بنهاية " سيد قطب "، تكاد تعيش معه نفسًا نفسًا، و خطوة خطوةإلى أن يصعد هو إلى خشبة المشنقة بعد خمسة و عشرين عاما عاشها فى ظلال القرآن .. و ما أن تطوي صفحة غلاف الظلال الأخيرة ، حتى ترى سيداً يتدلّى من حبلها، وتحس بدمعتين تطفران من عينيه ..! رحمه الله و أجزل له المثوبة على ما قدم و عفا عنه .
و الحمد لله أولا و أخيرا .. اللهم انفعنا بما علمتنا و اجعل ما قرأنا حجة لنا لا علينا يوم نلقاك